المتفائلون بالله



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المتفائلون بالله

المتفائلون بالله

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المتفائلون بالله

2 مشترك

    الصيف خير واعظ في الزمان

    avatar
    أبو حازم


    ذكر عدد الرسائل : 12
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    الصيف خير واعظ في الزمان Empty الصيف خير واعظ في الزمان

    مُساهمة من طرف أبو حازم الجمعة يوليو 11, 2008 7:25 pm

    الحمد لله فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَاعِلِ اللَّيْلِ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً وهو الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الله العلي العظيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الأميُّ الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
    فإن في تغير الأحوال والأزمان لموعظة لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد.
    نعيش هذه الأيام مع واعظ يشهده الأعمى والبصير، ويدركه الأصم والسميع،ويعرفه الصغير والكبير،إنه فصل الصيف، فهل أصغت قلوبنا لموعظته؟! وهل وعينا درسه الذي يريد تبليغه للجميع؟! هلمّ بنا لنقف قليلاً مع الصيف وما يحمله من عظات و عبر.
    روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَt عَنْ النَّبِيِّ r قَالَSad إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَاشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ ). إنّ شدة الحر التي يجدها من وقف حاسر الرأس حافي القدمين في حرِّ الظهيرة ما هي إلاّ نَفَسٌ من أنفاس جهنم،شدة الحر التي يفر منها الإنسان ، ويستعمل كل وسيلة ممكنة لدفعها ، فيفر من ظل إلى ظل ، ويلجأ إلى استعمال المروحة والمكيف وشرب الماء البارد للتخفيظ من حرارة جسمه، ويغلب على الناس التأفف والتضجر منها، إنها شدة الحر إنها نفس من أنفاس جهنم نعوذ بالله منها ومن حرها.
    وفي الصحيحين من حديث أبي هريرةt أن رسول الله r قال: (ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم)، قالوا: والله إن كانت لكافية! قال: (إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرها).
    فحقيقٌ على كل ذي لُبّ وعقل سليم أن يسأل نفسه وهو يتقي حرّ الدنيا بكل ما أتيح له من وسائل: ماذا أعدّ لحرِّ الآخرةِ ونارِها؟
    يا من لا يصبر على وقفة يسيرة في حرِّ الظهيرة، كيف بك إذا دنت الشمس من رؤوس الخلق، وطال وقوفهم، وعظم كربهم، واشتد زحامهم؟! روى الإمام مسلم عن المقداد بن الأسودt قال: سمعت رسول الله r يقول: ((تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا)، قال: وأشار رسول الله r بيده إلى فيه. وعن أبي هريرةt أن رسول الله r قالSad يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ )
    تلكم هي نارُ الآخرة ، وذاك حرُّ الموقف، فأين المتقون؟!
    عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍt قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِrSad مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ) متفق عليه وفي رواية للبخاري ومسلم قَالَr Sad اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ)، وقال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ .
    أحبتي في الله:و ينبغي لمن كان في حر الشمس أن يتذكر حرها في الموقف فإن الشمس تدنو من رؤوس العباد يوم القيامة و يزاد في حرها ،وهم حفاة بلا نعال وعراة بلا ثياب، وغرلا بلا ختان، فينبغي لمن لا يصبر على حر الشمس في الدنيا أن يجتنب من الأعمال ما يستوجب صاحبه به دخول النار فإنه لا قوة لأحد عليها و لا صبر


    مَثِّلْ وُقُوفك يوم العرض عريانا

    مستوحشاً قَلِقَ الأحشاء حـيراناَ

    النار تلهب من غيظٍ ومن حنقٍ

    على العصاةِ ورب العرش غَضباناَ

    اقرأ كتابك يا عبدي على مَهَـل

    فهل ترى فيه حرفاً غـير ما كانا

    فلما قرأت ولم تنكر قراءتـه

    إقْرارُ مَن عَرَفَ الأشياء عِرْفـانا

    نادى الجليل: خذوه يا ملائكتي

    وامضوا بعبدٍ عَصَى للنار عطشانا

    المشركون غـداً في النار يلتهبوا

    والمؤمنـون بدار الخـلد سُكانا
    قال قتادة-رحمه الله- : و قد ذكر شراب أهل جهنم و هو ماء يسيل من صديدهم من الجلد و اللحم فقال : هل لكم بهذا يدان أم لكم عليه صبر طاعة ، الله أهون عليكم يا قوم، فأطيعوا الله و رسوله .أي أن طاعة الله ورسوله بامتثال أمرهما وترك نهيهما مع ما يجد العبد من الجهاد للنفس والمشقة في ذلك أهون عليه وأيسر بكثير من شَوْيِ لحمه بالنار حيث الألم والعذاب ولاموت ولا حياة.


    نَسِيتَ لَظَى عندَ ارْتِكانِكَ للْهَوَى و أنت تَوَقَّى حر شمس الهواجر

    كأنك لم تَدْفِنْ حَمِيماً و لم تكن له في سياق الموت يوماً بِحاضِرِ

    اللهم إن أجسادنا لا تقوى على النار، فأجرنا منها يا رحيم.
    ورأى عمر بن عبد العزيز - رحمه الله- قومًا في جنازة قد هربوا من الشمس إلى الظل، وتَوَقَّوْا الغبار، فأبكاه حال الإنسان يألف النعيم والبهجة، حتى إذا وُسِّد قبرَه فارَقَهُما إلى التراب والوَحْشَة، وأنشد قائلا:


    من كان حين تُصيبُ الشمسُ جبهتَهُ

    أو الغبارُ يخافُ الشَّيْـنَ والشَّعَـثـا

    ويألَفُ الظـــلَّ كي تبقى بشاشتُهُ

    فسوفَ يَسْكُنُ يومـًا راغِمًا جَـدَثًا

    في ظِــــلِّ مُقْفِرةٍ غَبْراءَ مُظلِمَةٍ

    يُطيلُ تحت الثرى في غَمِّها اللَّـبَثَـا

    تَجَهَّـزِي بِجَهــازٍ تَبْلُغيـنَ بـه

    يا نَفْسُ قَبْل الرَّدَى لم تُخْلَقِي عَبَثـا
    أحبتي في الله، لئن كنا نتقي الحرَّ بأجهزة التكييف والماء البارد والسفر إلى المناطق الباردة، وكل هذه نعمٌ تستوجب الشكر، فهل تأملنا وتفكرنا كيف نتقي حرَّ جهنم؟ كيف ندفع لفحها وسَمُومها عن أجسادنا الضعيفة ووجوهنا الشَّرِيفة؟
    عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t قَالَ :سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُSad مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) رواه البخاري ومسلم ،صيام الهواجر ومكابدة الجوع والعطش في يوم شديدٍ حرُّه بعيدٍ ما بين طرفيه، ذاك دأب الصالحين وسنة السابقين، والمحروم من حُرم. يقول أبو الدرداء t : (صوموا يومًا شديدًا حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور).وكان معاذ بن جبلt يتأسف عند موته على ما يفوته من ظمأ الهواجر، وقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِtSad لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا مِنَّا أَحَدٌ صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ r وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ)رواه مسلم.
    ونزل الْحَجَّاج بن يوسف الثقفي في بعض أسفاره بماء بين مكة و المدينة فدعا بغَدَائه ، و رأى أعرابياً فدعاه إلى الغداء معه فقال : دعاني من هو خير منك فأجبته ، قال : و من هو ؟ قال : الله تعالى دعاني إلى الصيام فصمت قال : في هذا الحر الشديد ؟ قال : نعم صمت ليومٍ أشدَّ منه حراً ، قال : فافطر و صم غداً ، قال : إن ضمنت لي البقاء إلى غد قال : ليس ذلك إلي قال : فكيف تسألني عاجلاً بآجل لا تقدر عليه.


    أحبتي في الله:ومما يُؤمر المرء بالصبر عليه في شدة الحر المشي إلى المساجد للجمع و الجماعات و شهود الجنائز و نحوها من الطاعات و الجلوس في الشمس لانتظار ذلك إن لم يوجد ظل . جاء عن رجل من السلف أنه خرج إلى الجمعة فوجد الناس قد سبقوه إلى الظل فقعد في الشمس فناداه رجل من الظل أن يدخل إليه فأبى أن يتخطى الناس لذلك ثم تلا :﴿ و اصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور .أين هذا مما يجد اليوم أماكن كثيرة أمامه ولكنه يأبى إلا أن يتخطى رقاب الناس حتى يتقدم إلى الصفوف زعما منه أنه يريد الأجر بصلاته في الصفوف الأولى، ولو صدق زعمه لجاء إلى الجمعة باكرا ليجد له مكان في الصفوف الأولى دون أن يؤذي غيره من المسلمين، هذا مع وجود الأماكن الشاغرة في الطابق العلوي فلا داعي أبدا لتخطي الرقاب ، فاحذروا عباد الله من تخطي الصفوف يوم الجمعة ،فإن ذلك يؤذي الناس ونهى عنه النبيr فعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍt قال: جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ r يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ r اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ) ، فلنغتنم صيفنا بالطاعات، ولنستزد فيه من الحسنات، فالأجر يعظُم مع المشقة، وعند الصباح يحمد القوم السُرى. وحذارٍ حذارٍ أن تُقعدنا عن المبادرة إلى الخير نفوسٌ تعاف الحرَّ، وتحبُ الراحة، فنندم يوم لا ينفع الندم، ولنحْمِلْ أنفسنا على طاعة الله ونقول لها:

    يا نَفــسُ ما هِيَ إِلّا صَبرُ أَيّامِ ... كَأَنَّ مُدَّتَها أَضغاثُ أَحـلامِ

    يا نَفسُ جوزي عَنِ الدُنيا مُبادِرَةً ... وَخَلِّ عَنها فَإِنَّ العَيشَ قُدامي

    وإياكم إخوتي وأخواتي أن تكونوا من المتخلفين عن العبادات بسبب الحر كما فعل المتخلفون عن غزوة تبوك حين ابتلي الناس بالخروج للجهاد، في زمن عُسرة وشدة من الحرِّ ، وحين طابت الثمار والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، فخرج المؤمنون الصادقون، وقعد الذين في قلوبهم مرض والمنافقون ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ وعاتب الله المتخلفين فرارا من شدة الحر بقوله: ﴿ فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاًوَلْيَبْكُوا كَثِيرًاجَزَاءً بِمَاكَانُوا يَكْسِبُونَ﴾

    نسأل الله الجنة ونعوذ به النار وعذابها وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه ....

    avatar
    أبو حازم


    ذكر عدد الرسائل : 12
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    الصيف خير واعظ في الزمان Empty رد: الصيف خير واعظ في الزمان

    مُساهمة من طرف أبو حازم الجمعة يوليو 11, 2008 9:33 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أعتذر على طول الموضوع فهو عبارة عن خطبتي التي ألقيتها هذا اليوم 11/07/2008
    avatar
    msp60


    ذكر عدد الرسائل : 2
    تاريخ التسجيل : 15/11/2009

    الصيف خير واعظ في الزمان Empty رد: الصيف خير واعظ في الزمان

    مُساهمة من طرف msp60 الإثنين نوفمبر 16, 2009 12:31 am

    لااستطيع الدخول الى الغرفة افدونى

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 8:09 pm